Sunday, December 31, 2006

كل سنة وأنتوا طيبين


الرقص مع الخرفان
أمة تقول ماااااء مااااااء

Labels:

Sunday, December 10, 2006

هوجو شافيز.. رائحة عبد الناصر



عندما برز الشاطر حسن في لبنان.. انتعشت نفوس العرب، وانتفخت صدورهم فخرا وعزة.. وقفزت عقولهم، دفعة واحدة، ثلاثة عقود للوراء، تذكروا جمال عبدالناصر. تُطل عليك صور "ناصر" وحدها في المظاهرات، ولحظات الكرامة، لتعلن أن كل من جاءوا بعده "قبض الريح".. مجرد "مساحة سوداء قاتمة" في جسد الزمن، تأبى أن تنقشع!
هذا الأسبوع دق "ناصر" باب الذاكرة من جديد..عندما فاز "هوجو".. للمرة الثانية، فتسرب عطر ناصر منعشٌا كريح البحر. يؤكد الروائي الألماني "زوسكند" أن لكل شخص عطره الخاص، والعطر مثل بصمات الأصابع..نسخة غير قابلة للتقليد.. لكنه قابل للتسرب شرقاً وغربا. لذلك لا تندهش من ظهور شافيز على شاشة "الجزيرة"، ليقول: "أنا ناصري مند كنت طالبا بالكلية العسكرية، وأرى أن مبادئ عبدالناصر مازالت صالحة للتطبيق، رغم الكلام الغريب الذي أسمعه من المؤمنين بفكر عبدالناصر عن صعوبة ذلك". لم يدل بهده التصريحات بحثا عن شعبية، سبق وحققها في الوطن العربي بمواقفه الشجاعة. لكن المثير حقا، أن قرارت الرجل تثبت أنه درس تجربة عبدالناصر، واستوعبها جيدا. واستنسخ بعضا منها بما يناسب طبيعة الساحة السياسية في بلاده.


يقول عنه حسن نصر الله مخاطبا "رجال الله": "بصمودكم ومقاومتكم أستطيع ان أحيي رجلا عربيا.. عربيا.. عربيا.. اسمه شافيز على ما قاله أمس في الأمم المتحدة".

"شافيز العربي".. كلما قابلت شخصا، وذكرت اسمه، يبادرك بأوجه الشبه بينه وبين ناصر. درس في كلية عسكرية، ويردد دائما: "من أجل القضاء على الفقر، يجب إعطاء السلطة للشعب". وهي جملة تتفق، بالطبع، مع مبادئ يوليو. وتميز كما عبدالناصر، بدعم حركات التحرر، وبعدائه لسياسات أمريكا.
ولد في 28 يوليو 1954، بعد عامين من الثورة. وتربى في أسرة تنتمي للطبقة الوسطى كما عبدالناصر، فكان والده أستاذا متواضعا وتولت جدته تربيته. وفي السابعة عشرة التحق بالكلية العسكرية في كراكاس، حيث اكتشف في نفسه طموحات غذتها صحيفة تشي جيفارا والأسطورة سيمون بوليفار صانع الاستقلال الوطني. وبتأثير من فكر ناصر خطط شافيز لأكثر من محاولة ثورية معتمدا على القوات المسلحة.وساند محاولة عسكرية عام 1992 لإنهاء حكومة كارلوس اندريس بيريز الغارقة في الفساد.


بعد توليه السلطة، تعرض لمحاولة انقلابية ناجحة أدراتها الـسي اي إيه. واعتُقل بالفعل في 12-4-2002، وفي اليوم التالي خرجت وسائل الإعلام الخاصة تقول: "انتهى عصر شافيز"، تماما كما فعل الإعلام الإسرائيلي عقب حرب 67. ساعتها، تدفقت الجماهير المصرية، مطالبة ببقاء ناصر. المشهد نفسه تكرر في كراكاس، عندما احتشد الناس في الميادين، وعاد شافيز بعد 48 ساعة فقط بفعل الضغط الشعبي، وإخلاص المؤسسة العسكرية التي لم تشأ أن تكون جسر الولايات المتحدة إلى السلطة. وقف "شافيز" في شرفة قصر الرئاسة يعلن بداية مرحلة جديدة من التفاهم والمصالحة، ووعد بألا يسمح بأية ملاحقات سياسية أو تجاوزات ضد حرية الرأي والتعبير، في تصريحات أشبه ببيان 30 مارس 1968.

تشابهات عدة، منها إقدام الزعيم الفنزويلي على تنظيم استفتاء شعبي أقر تعديلا دستوريا أصبح اسم البلاد بموجبه "جمهورية فنزويلا البوليفارية". والاتجاه شرقا لتعزيز التعاون مع روسيا. ويحظى شافيز، مثل ناصر، بتأييد الفقراء بفضل إقامته شبكة من المراكز الاجتماعية المعروفة بـ"البعثات" يمولها من العائدات النفطية التي أممها لصالح الفقراء، مما أكسبه عداء شديدا في صفوف النخب الرأسمالية.



اعتاد "هوجو" أن يرتدي الزي العسكري، ويضع الكاب الأحمر كما كان يفعل "تشي جيفارا"، ويفعل الآن "فيدل كاسترو".. واعتاد أن يستخدم نفس الخطاب الثوري الذي استخدمه المحرر اللاتيني "سيمون بوليفار"، وأبوخالد. ورغم أن البعض يراهن أن العصر قد تغير، وأن "الثورية" أصبحت جزءاً من التاريخ، فإن شافيز رئيس رابع أكبر منتج للنفط في العالم وثالث أكبر مصدّر للنفط إلى الولايات المتحدة- يُصِرُّ على أن النفط والثروة لا يمكن أن يحلا مكان الثورة التي جاءت من أجل الفقراء. ليضع الثوريٌّ الذي جاء إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع خصومه في الخارج - وخصوصًا واشنطون- أمام معضلة سياسية.
فمن ناحية التقاليد السياسية الأمريكية يعد شافيز منتخبا من قبل شعبه، ويجب عدم إزاحته إلا عبر وسيلة ديمقراطية. وهو يجلس على برميل نفط قريب من أمريكا، لكنه ليس في متناول يدها، تسعى إلى استغلاله وليس مجرد استثماره. تريد أن يتحول إلى أداة مساعدة فإذا به يتحول إلى نمر شرس يقف عائقًا أمام خططها لخفض أسعار النفط، فكلما حاولت احتواء بعض رجال الأعمال أو الإعلام وقف لهم "شافيز والشعب" بالمرصاد، وكلما تحدته أمريكا زاد في ثباته.


هو ببساطة "مقاوم".. يزور العراق، ويصادق كوبا، ويتودد إلى القذافي، ويدعم الثورة في كولومبيا وحزب الله في مواجهة إسرائيل، ويعلن بقوة: "نحن الدول الصغيرة الفقيرة والمتخلفة.. لا نملك من الخيارات سوى الاتحاد". ولا يكتفي بالكلام وإنما يحاول جاهدًا مناهضة الهيمنة الأمريكية، فدشن علاقات قوية مع من تعتبرهم الولايات المتحدة أعداء لها، وقَّع مع الصين اتفاق تعزيز علاقات، كما وقَّع اتفاقًا آخر مع إيران لتعزيز التعاون الصناعي والزراعي. واجتمع مع مرشد الثورة الإيرانية "خامنئي"، ولم يخف أن ينعت الولايات المتحدة بأنها الشيطان الأكبر على عادة السياسة الإيرانية. كلماته طلقات مدافع ثقيلة لم تتعود الإدارة الأمريكية أن تسمعها ولو عن بُعْد؛ ولذا فأمريكا لا تتورع أن تعلن مناصبته العداء، على لسان "كولن باول" و"جورج تينت"، خاصة بعد أن ظهوره المتلفز، عام 2001، وهو يحمل صورًا لضحايا مدنيين أفغان، الأمر الذي دعا واشنطن إلى سحب سفيرتها من "كاراكاس".


صورته وتصرفاته تعيد للأذهان ملامح ناصر، فنحن لم نجرب مغناطيس الكاريزما في منطقتنا سوى مع الشاب الصعيدي الشهم. وشافيز يتمتع بكاريزما ساحرة..طلته أسرت الشعوب العربية، كما أسرت مثيلاتها اللاتينية. حب العرب لشافيز يعبر عن شوق لزعيم قوي، محبوب، وعن افتقاد لسياسات مستقلة، وشعور بالكرامة، وتمنيات أن يزكم عطر "هوجو" أنف حاكم عربي واحد!

Labels:

Saturday, December 09, 2006

أخي أحمد




كان المخَيمَّ جسم أحمدْ..كانت دمشق جفون أحمد..كان الحجاز ظلال أحمد..صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين الأسيرة. كم أفتقدك يا صديقي وأشتاق إليك. هاتفتني الأربعاء الماضي، وكأنك قصدت الوداع، لم أدرك. كنت متألقا كعادتك: "آه..محمد، شو أخبارك". بدا صوتك متعبا كليلا، أصررت أنها مجرد نزلة برد معتادة. وعدت أن نلتقي في يناير، نتجول في معرض الكتاب كعادتنا، ونٌعمر ليل القاهرة. فرحت بالوعد، وبدأت أحصى الساعات في انتظار "أحمد العربيُّ ". كم مرة تساءلت لماذا أحبك إلى هذه الدرجة، وأفتقدك دائما يا "أحمد". الآن فقط، وُلدت الإجابة من رحم الفراق. لقد كنت تجسيدا لفكرة السكان الأصليين. في كل مرارة يزداد إعجابي بمبدئيتك، وسعة ثقافتك، وصدقك، ونضالك ضد الكيان المفروض عليك. كنت كلما ارتويت من شعر درويش تذكرتك أنت بالذات. ووجدتني أردد مع "درويش": "وأحمد العربيُّ يصعد كي يرى حيفا..ويقفز. أحمد الآن رهينة..تركت شوارعها المدينة. وأتت إليه..لتقتله. ومن الخليج إلى المحيط، من المحيط إلى الخليج. كانوا يُعدُّون الجنازة..وانتخاب المقصلة".
محمد عبود
القاهرة
8/12/2006

Sunday, December 03, 2006

مبارك يؤيد ترشيح (إسرائيلي) لحكم العراق


الرئيس مبارك يحب بنيامين أليعيزر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق جدا، بنيامين مشهور باسم الدلع (فؤاد). والرئيس مبارك يحرص على استقباله كل فترة، آخرها الشهر الماضي. قد تكون معلومة عادية جدا، الرئيس مبارك ليس لديه مشكلة شخصية مع الإسرائيليين، وسبق أن أحب إسحاق رابين، واعتاد أن يدعوه: "صديقي رابين"، وتغاضى عن مقاطعة زيارة إسرائيل، لحضور جنازة "رابين صديقي" صاحب سياسة تكسير عظام الفلسطينيين!! وإذا مددت الحبل على استقامته ستجد أن الرئيس مبارك أحب أيضا "سيلفان شالوم" وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، وأدلى "شالوم" بتصريحات خطيرة لمعاريف عن طبيعة هذه العلاقة بعد الإفراج عن عزام عزام، لا داعي لذكرها حتى لا يؤاخذنا القانون. ولأن الرئيس محمد حسني لا يحمل في قلبه ضغينة لأحد فقد صفح عن كل سفالات شارون، وقال في نفسه عفا الله عما سلف، وصارا صديقين حميمين يتبادلان "القفشات والنكات".

كل ما سبق عادي، وقد يصب بشكل أو بآخر في حكمة سيادته، لكن غير العادي، هو القصة التي ذكرتها معاريف هذا الأسبوع في سياق مقال محررها السياسي الأبرز بن كسبيت، وجاء فيها:
"مبارك أيضا، يحب فؤاد جدا. ذات مرة، في محادثة مع اسرائيليين، جرى خلالها التداول حول الوضع الصعب الذي يواجه الامريكان في العراق، قال مبارك أن المشكلة "لن تُحل الى أن يأخذ الامريكيون جنرالا عراقيا ويسمحوا له بالسيطرة على الدولة بالقوة". أحد الاسرائيليين قال أن لديه اقتراحا جيدا ومحددا حول الضابط العراقي الملائم للمهمة. مبارك سأله من هذا الضابط، فرد عليه الاسرائيلي قائلا: فؤاد. مبارك وسليمان أحبا هذه الفكرة"
.


الرئيس مبارك، بحكمته التي "تختال علينا"، لم يرد على المتحدث الإسرائيلي بعنف، وأحب فكرة أن يحكم العراق شخص صهيوني سمين مثل (بنيامين بن أليعيزر) وزير حرب سابق، ووزير بنية تحتية حالي!! ولا نعرف لماذا يحب الرئيس "محمد حسني" ذلك الصهيوني رغم دمويته، وعدائه الشديد للعرب.

فقد ولد (بنيامين) في إحدى ضواحي بغداد، عام 1936 لعائلة يهودية ميسورة الحال، وكان يُسمى "فؤاد"، وهو الاسم الذي ما زالوا يطلقونه عليه حتى الآن في (إسرائيل)، فيقولون "بنيامين فؤاد بن أليعيزر". وقد هاجر ضمن موجات الهجرة التي نظمتها الوكالة اليهودية عام 1950، وهو في الـ 14 من عمره. وفي برنامج "من الجمعة للسبت" الذي بثته الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية بتاريخ ( 12-4-2001) تحدث بن أليعازر عن تأثير مرحلة طفولته في العراق على بلورة خطته الفكرية والسياسية، وادعى في هذا البرنامج أن العراقيين كانوا يعتدون عليه وعلى أفراد عائلته وعلى اليهود في الحي دون أي أسباب!!.


وأشار بن أليعيزر إلى حادثة كان لها بشكل خاص تأثير على إصراره فيما بعد على الانضمام للجيش والتطلع لتبوء مناصب قيادية فيه ليستطيع الانتقام؛ فيدعي أنه شاهد في عام 1949 مجموعة من البوليس العراقي، وهي تقتل تاجرا يهوديا عراقيا يُدعى "أشير بينو" أمام ناظريه. يقول بن أليعازر: إنه بعد هذه الحادثة عاش وهو يشعر بميل للانتقام من العرب أينما كانوا!!


يبدو أن حكمة الرئيس "محمد حسني" لم يسعها أن تدرك مدى عداء، بنيامين بن أليعيزر للعرب، كونه مشغول بانتقاد مسيرات المعارضة اللبنانية الهادفة لإسقاط حكومة السنيورة غير الشرعية.حيث قل بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف":"التظاهر ضد السنيورة خطر جدا ولبنان لا يتحمل كل هذا..لو استمرت المسيرات فترة طويلة سيأتي من يناصر السنيورة من الخارج .. من بلاد عربية كثيرة ومن يناصر حزب الله وستكون النتيجة ساحة للقتال والخراب والدمار وستضيع لبنان. فقد ترسل إيران 'من يناصرون'حزب الله وستضطر دول أخرى إلى إرسال 'مناصرين' لمجموعة السنيورة وستكون مشكلة".

تلك التصريحات الغريبة التي تسوق لحرب أهلية في لبنان، تتورط فيها أطراف إقليمية مثل إيرانن أزعجت المراقبين. وذكرتهم بتصريحات مبارك المشككة في ولاء الشيعة العراقيين لوطنهم! لكن عدد كبير من المحللين يجمع على أن الرئيس "محمد حسني" غير معجب بما يحدث في لبنان الآن؟ وقد يكون منزعجا من الحشود المنظمة المعتصمة في الشوارع. ويخشى من دور الميديا، وتأثير الدومينو. خاصة ان ما يحدث في ساحتي رياض الصلح والحرية، قابل للانتقال إلى ميدان التحرير، وعبدالخالق ثروت.لو تمكنت المعارضة المصرية من تنظيم صفوفها. أما نبرة العداء لإيران التي تتردد كثيرا في تصريحات، الرئيس، فلها ثمة علاقة باتهامات يوجهها النظام المصري لطهران، فيما يتعلق بإيواء مجموعة من الإرهابيين المتورطين في محاولة اغتيال مبارك بأديس أبابا عام 96
.

Labels:

Friday, December 01, 2006

قناص بغداد..أبوه عراقي وأمه مصرية


على بعد 200 متر، وقف على الطرف الآخر من مفترق الطرق الفسيح، القناص العراقي "جوبا" ينظر للجندي الأمريكي الشاب الواقف خلف المتاريس، يعتمر خوذة شفافة، تاركا أسرته في كاليفورنيا أو تكساس، وجاء ليحتل العراق ويروع الآمنين، مستعينا برشاشه سريع الطلقات الملوث بدماء أطفال ونساء وشيوخ!!
دارت في رأس "جوبا" صورا مؤلمة لطابور الشهداء العراقيين، ودون أن يعتدل في جلسته على قطعة الأسفنج البسيطة التي مدَها داخل حافلته ذات النوافذ الداكنة..ألصق عينه بعدسة بندقيته، شرع يتنفس ببطء..ببطء شديد. أرهف السمع..مراقبا اتجاه الريح، ضبط "الماسورة"، بحثا عن زواية الإطلاق الملائمة لبندقية القنص روسية الصنع من طراز "دراجونوف" التي شرعت تتنقل بروية من هدف محتمل إلى آخر. هل يطلق رصاصته على الجندي الذي خرج لتوه من السيارة المدرعة يطارد الصبي ذو الـ10 سنوات! أم زميله الواقف هناك يتطلع بريبة واستعلاء إلى ركاب السيارات المارة عبر الحاجز.بالنسبة لـ"جوبا" الخطأ محظور. مسموح له فقط أن يطلق رصاصة واحدة. وينبغي عليه أن يغادر المكان فورا، بهدوء، ودون أن يلفت الانتباه.

:انتظروا بقية الموضوع
:شاهد الفيلم على الرابط
يجب أن يختفي سريعا وسط شلال السيارات المتدفق على الطريق.لقد ذاع صيته، واشتهر أنه يطلق رصاصة واحدة فقط. وأطلق عليه الجنود الأمريكان "جوبا"..وفي ذهنهم مذبحة المارينز في الصومال، ونهر جوبا الصومالي الثائر دوما..يفيض فيغرق القرى. وتهب تماسيحه لتتغذى على جثث الناس وجيف الحيوانات. نهر ثائر تحيط به الأدغال، متحف طبيعي مكدس بأنواع من الحيوانات المتوحشة كالأسود والنمور والفيلة والتماسيح والحمير الوحشية والغزلان.

كاميرا الفيديو المثبتة داخل عدسة بندقية "جوبا" القناص، تسجل كل ما يحدث لحظة بلحظة، وتلتقط من آن لآخر لقطة (كلوز) لجندي يحمل مدفعه الرشاش. هل أتى دوره أم لم يحن أجله بعد. لا نرى سوى خوذته، وكتفيه، والنصف الأعلى من جسده. العدسة ترتد إليه ثانية. حانت ساعة المحتل. صوت طرقعة، وعمود دخان رفيع يتصاعد من الخوذة، ذراعين تطوحا في الهواء، وجسد يتهاوي مثل عروسة من القماش. بعد أن اخترقت رأس الجندي الأمريكي رصاصة بقطر 7.62 ملم.


الوصف السابق، هو انعكاس لمشاهد الفيلم الأكثر انتشارا بين الشباب العراقيين اليوم، ظهر لأول مرة على اسطوانة (دي في دي) وزعت على المصلين الخارجين من أحد المساجد في وقفة عيد الفطر الماضي، ومعها أكياس الحلوى العراقية. وبالإضافة إلى مشهد إطلاق النار على الجندي المغتصب، يظهر شاب قوي البنيان، ملثم، يضع بندقية قناصة، ومسدس شخصي على منضدة أمامه، ويضع علامة فوق الرقم 37، ضمن لوحة جداريةمن مربعات القنص صنعها بنفسه.
سرعان ما تحول الفيلم إلى حديث الشباب العراقيين، ومصدرا للتباهي، في الوقت الذي يتبادل الشبان المصريين بأسى واضح أفلام التعذيب والتنكيل بالمصريين في سلخانات الشرطة بالقاهرة وغيرها من المحافظات. وكأن العراق انتقلت إلى مرحلة المقاومة، وتركت مصر تئن في حقبة "أبوغريب"!



وعلى شبكة الانترنت تحول "جوبا" إلى أسطورة حقيقية، أكثر من 35 ألف عراقي شاهدوا الفيلم، وداروا في المواقع الإليكترونية بحثا عن قصص جديدة تروي آخر أنباء العمليات الفدائية التي نفذها "جوبا"، وتروي ظمأهم لنموذج مقاوم يقهر الأمريكان، ويخلصهم ولو قليلا من أخبار الاقتتال الطائفي، وسقوط المدنيين بنيران الإرهاب الأسود.
لقد صار "جوبا" بطلا في نظر العراقيين الذين استشهد منهم خلال الأربع سنوات الماضية، 100 ألف، أو 650 ألف، لا أحد يعرف على وجه الدقة. لكن المؤكد أن أكثر من مليوني شخص من صفوة العراقيين فروا باحثين عن ملاذ آمن في دولة أخرى.
صحيح أن المواقف السياسية التي يتبناها السنة والشيعة متناقضة في شتى المجالات، لكن إذا صدقنا استطلاعات الرأي، فإن القاسم المشترك بين الطائفتين الأكبر في بلاد النهرين، هو كراهية المحتل. ولعل هذا هو سر نجاح وشعبية "قناص بغداد" الذي يوجه رصاصاته للمحتل فقط، ويوفرها عن صدور إخوانه العراقيين. لكن من هو هذا القناص المجهول، "زورو العربي" الذي يترك دائما في مسرح المقاومة بطاقة، أو تخطيطا على جدار مكتوب عليه: "ما أخذ بالقوة..لا يسترد بغير بالقوة".
يقولون أنه ناصري يستلهم مواعظه من عبارات جمال عبد الناصر، ويقولون أنه ولد لأب عراقي، وأم مصرية. لا أحد يعرف من هو بالضبط، غير أن نشاطه يتركز في مدينة القائم على الحدود السورية. ويذهب بعض المحللين إلى أن القناص أو مجموعة القناصين ينتمون إلى حركة المقاومة التي عرفت باسم: "جيش الإسلام"، بعد تأسيسها عام 2003. وتتألف من قوميين عراقيين، وناصريين، ينسقون بعض عملياتهم مع فصائل مقاومة أخرى.
أيا يكن الأمر، لقد اعترفت صحيفتا "الجارديان"، و"لو موند" بالرعب النفسي الذي بثه "جوبا" في صدور المارينز وعقولهم، ولم يعد هناك مجال للشك في وجود "قناص بغداد"، بعد توزيع الفيلم الوثائقي الأخير: "جوبا..قناص بغداد: الجزء الثاني" مصحوبا بالترجمة إلى الإنجليزية، وأول عبارة تظهر على الشريط: "نحن العاصفة التي ستدمر الجنود الأمريكان". ما يشير إلى وجود جهاز إعلامي قوي مصاحب للمقاومة، ماهر في استخدام التقنيات الحديثة، ويعرف كيف يرهب العدو الأمريكي.

Labels:

eXTReMe Tracker