Monday, May 07, 2007

..استئذان في الترجمة

الكتابة عن الأستاذ ليست بالأمر الهين حتما، يقف القلم معاندا، يكاد ينطق مذكرا بلغة الأستاذ المتدفقة حد الانسياب، الملتزمة حد الدقة، السلسة حد الرشاقة. فما بالك بترجمة دراسة بحثية متخصصة عنه، ومن لغة تربينا على أنها لغة "العدو". فرغم مرور عقود على رحيل عبد الناصر، وابتعاد الأستاذ، برغبته، عن مراكز صنع القرار في مصر، ما زال الإسرائيليون يعتبرونه العدو رقم (1). ومن هذا المنطلق تظهر من آن لآخر، دراسات عبرية عن "هيكل"، لكنها.. بالمفارقة مع ما نشهده في صحف الفكر الجديد، تعتبره عدوا محترما ومؤثرا، تسعى وراء دوره ومكانته وأثره الممتد في العقل العربي حتى اليوم.
آخر هذه الدراسات كتبها الدكتور "يوحاي بر سيلاع" المتخصص في الشئون العربية، والأفريقية.. دراسة عميقة وثرية تصل لنتيجة مهمة يجوز لنا أن نصوغها على النحو التالي: (كان اللاعب الرئيس في صياغة الرأي العام والوجدان العربي المناهض لـ"إسرائيل". صحفي صاحب ثقافة موسوعية، وبما أتيح له من موهبة، وبصيرة ثاقبة، وثوابت وطنية لا حدود لها، اقترب من مراكز صنع القرار. هو من بلور الرؤية العربية تجاه إسرائيل، وصك الخطاب العربي تجاه العدو، وأكسبه عمقا ثقافيا ومعرفيا. وما زالت مقالاته في هذا الصدد صالحة للقراء حتى اليوم، وكأن حبر القلم لم يجف بعد).
لم تكن غريبة النبرة العدائية تجاه الأستاذ، وهي مبررة حال صدورها عن الأعداء. لكن المتابع لو قدر له قراءة ما كتبه الإسرائيليون عنه، سيندهش من حجم الاحترام والتقدير، واختيار الألفاظ والكلمات بحساب حال التعامل مع قامة بحجمه. فالإسرائيليون يعلمون جيدا أن هيكل، وتلاميذه من بعده، حرموا "إسرائيل" من التغلغل في الشرايين العربية، ومع ذلك لا تجد بذاءات ذات اليمين.
ترجمت الدراسة من هذا المنطلق، ودون كثير تعليق..لإدراكي، أن كل ادعاءاتها شهادة جديدة لمهنية ودور الأستاذ الوطني.
فقط أشير إلى أن الدراسة عند اقتباسها من مقالات الأستاذ لم تلتزم أمانة النقل في مواضع.. ولم تلتزم المعنى المقصود في مواضع أخرى، ووقعت في مغالطات تاريخيةلا سيما عند الحديث عن بداية علاقة الأستاذ بالضباط الأحرار، وتقييم نتائج حرب أكتوبر. لكنها تكشف عن كم غير قليل من المراجع العبرية التي عرفت مكانة "هيكل"، ودرست دوره جيدا، وقدرته حق قدره.
كاتب الدراسة، هو الدكتور "يوحاي بر سيلاع": متخصص في الشئون السياسية والاجتماعية بالشرق الأوسط. يعمل باحثا في عدة جامعات إسرائيلية وغربية، منها تل أبيب، وبر إيلان، وأكسفورد، وهارفارد. واستقر الآن في مركز ديان للدراسات السياسية والإستراتيجية بجامعة تل أبيب، ومجال تخصصه الدقيق الشئون السورية المعاصرة، ومن أبرز دراساته: "وجيهة الحويدر..ملامح ليبرالية سعودية"، و"أحمد سعيد ومصر إبان حرب يونيو 1967"، و"نوني درويش- عرب من أجل إسرائيل"، و"علاقات المسلمين والأقباط في مصر- تقدير موقف". و"دور حزب البعث السوري في حرب يونيو 1967"، و"أحمدي نجاد_ الحرب الشاملة باسم الإسلام الراديكالي"، و"انقلاب الضباط في سوريا 1963".
وقد نشرت الدراسة في "دورية امجو"، وهي مجلة بحثية إسرائيلية مهمة ظهرت في أغسطس 2003. وتهتم بإثراء المعرفة الثقافية والفكرية لدى القارئ الإسرائيلي. وتنشر دراسات ومقالات مطولة في مناحي شتى..من الثقافة إلى والتاريخ مرورا بالحركة النسوية. لكنها تهتم في المقام الأول بدراسات معنية بالمجتمع الإسرائيلي المعاصر من زوايا رصد غير تقليدية. وتستكتب كبار الكتاب في إسرائيل.

محمد عبود

Labels:

أسطورة هيكل

هكذا تحدث العدو عن الأستاذ

الموساد عكف على ترجمة مقالاته فور صدور الأهرام..وخروجها إلى منافذ التوزيع


رئيس تحرير أسطوري ..ودوره في صياغة الرأي العام العربي متواصل عبر الأجيال



حدود إسرائيل الآمنة، في رأيه، معبد يهودي واحد في تل أبيب..وعشرة أمتار حوله


عندما نتصدى لدراسة التوجهات العامة لدى الشعوب العربية قبل عام 1967، يمكننا أن نلاحظ عددا من اللاعبين الرئيسين الذين اضطلعوا بمهمة صياغة الرأي العام العربي. ووضعوا البنية الأساسية لفكرة إن: (تصفية "دولة إسرائيل"، ليست ممكنة فحسب، بل إنها أمرا سهل وميسور في ضوء التفوق الكمي العربي بالمقارنة مع إسرائيل، سواء على صعيد أعداد السكان، أو قطع السلاح).
ولا تبدو هذه الأطروحة منبتة الصلة عن الخطاب العربي الحماسي إزاء إسرائيل في الوقت الراهن، رغم مرور عشرات السنين على حرب يونيو 1967. فقد ظل إدعاء هؤلاء اللاعبين الرئيسين رائجا في الأدبيات العربية، ومفاده: "ليس من المنطقي أن تصمد دولة صغيرة مثل "إسرائيل" لفترة طويلة في مواجهة القوى العربية". لكن ما بدا غير منطقي في الخطاب البلاغي العربي، ثبت أنه منطقي ليس فقط فيما يتعلق بإسرائيل، وإنما فيما يتصل بجميع الصراعات المسلحة التي اندلعت في "الشرق الأوسط"، دون أن يكون لها أدنى علاقة بالصراع العربي- الإسرائيلي.
ويمكننا حصر اللاعبين الرئيسين والحكومات التي لعبت دورا مهما في بلورة الرأي العام العربي، وإلهاب حماس الجماهير، وتثبيت اعتقادهم بإمكانية تصفية "إسرائيل" في أربعة عناصر: أحمد سعيد: مذيع ومدير محطة صوت العرب، وأحمد الشقيري: مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، وكان خطيبا مفوها، ويقال أن عباراته كانت تجمد الدماء في العروق، وحكومة البعث اليسارية في سوريا التي تولت الحكم عام 1966، ورفعت شعارات حرب التحرير الشعبية، ومحمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام، وكاتم أسرار عبد الناصر.
ويناقش هذا المقال دور محمد حسنين هيكل كاتم أسرار عبد الناصر، ورئيس التحرير الأسطوري الذي تولى مسئولية صحيفة الأهرام. فقد أضفى هيكل من خلال مقالاته المطولة والغزيرة عمقا ثقافيا وفكريا على خطاب عبد الناصر، وشرح بأسلوب سلس وواضح للجماهير العربية، لماذا يجب تصفية "دولة إسرائيل" على يد مصر- وما هي الشروط الملائمة لتحقيق ذلك؟
محمد حسنين هيكل
من مواليد 1923، بدأ عمله الصحفي، وهو في الثامنة عشرة، كانت محطته الأولى مجلة "روزا اليوسف" الأسبوعية. وبدأ هيكل الكتابة في أخبار اليوم عام 1945، ثم انتقل للعمل مراسلا عسكريا لصالح مجلة آخر ساعة عام 1948، وفي إطار مهمته الصحفية رافق المتطوعين المصريين الذين سافروا للمشاركة في الحرب الدائرة في فلسطين. وجذبت مقالات هيكل التي تناولت الشئون الأمنية والعسكرية، أيضا، انتباه "الضباط الأحرار" الذين قاموا بـ"انقلاب الضباط" في مصر عام 1952. واتصلت الخلية السرية التي تشكلت في مطلع الخمسينيات بمحمد حسنين هيكل، وشارك الرجل في كثير من المناقشات التي دارت داخل مقر قيادة "الانقلاب". و نشأت، منذ ذلك الحين، أواصر صداقة عميقة بين هيكل وعبد الناصر، تلك الصداقة التي استمرت حتى وفاة ناصر عام 1970.

الصفحة الأولى من الدراسة

وفي أعقاب "الانقلاب" تم تعيين هيكل رئيسا لتحرير مجلة آخر ساعة، وعلى صفحات هذه المجلة عَبَّر هيكل عن الخط السياسي الذي تبناه "الضباط الأحرار" والذي ما لبث أن تبلور في تلك الفترة. وانتقل هيكل بعدها لإدارة تحرير صحيفة "الأخبار"، وتمكن من تحويل الجريدة إلى منصة للتعبير عن الأحداث التاريخية الكبرى التي مرت بها مصر آنذاك: بدءا من "حرب 1956"، ونهاية بانعكاسات الحرب الباردة بين القوى العظمى عام 1957. وتم اختيار هيكل رئيسا لتحرير الأهرام، تلك الصحيفة اليومية التي تأسست عام 1875. وغدت الأهرام بقيادة هيكل أهم جريدة في "العالم العربي" بأسره، وأصبحت الجريدة العربية الوحيدة التي يتابعها العالم كله عن كثب. وتمكن هيكل، بفضل علاقته مع عبد الناصر، من تحويل الأهرام إلى أحد المراكز الصحفية العصرية، والحريصة على مواكبة أحدث التطورات في العالم. ونجح هيكل في جمع خيرة مفكري مصر داخل مبنى الأهرام: أدباء، وصحفيين، ومثقفين ينتمون لمختلف التيارات الفكرية. واستعانت هذه النخبة بالمكتبة المتجددة داخل المبنى، وبمركز الدراسات، وبأجهزة الكومبيوتر. وأمسى هيكل، بسبب القرب الشديد بينه وبين عبد الناصر، واحدا من أكثر الأشخاص تأثيرا داخل مصر، وخارجها، فقد رافق عبد الناصر، في مناسبات كثيرة، أثناء جولاته الخارجية. ويمكننا الإشارة إلى سببين جعلا من هيكل قصة نجاح ماثلة في الأذهان: الأول، علاقته مع عبد الناصر التي تجاوزت بكثير مجرد صداقة وطيدة بين صحفي وزعيم سياسي، والثاني: مهارته الهائلة وتمكنه من فن الكتابة الصحفية. وقد تحول هيكل، بمرور الوقت، إلى "مركز قوى" لدى عبد الناصر، وصار وزيرا للإرشاد القومي عام 1970. ولم تغرب شمس الصداقة بينهما حتى اللحظات الأخيرة في حياة ناصر، وقتها ظل هيكل مرابطا بجوار فراش الرئيس حتى رحيله(1).

نشرت مقالات هيكل المطولة كل يوم جمعة، وكان يقدم من خلالها تعليقه وتفسيره للأحداث وفقا للرؤى الأيديولوجية التي اعتنقها عبد الناصر. وبدا أن هيكل المعلق السياسي الأقرب لفهم عبد الناصر بسبب الصداقة التي جمعت بينهما، واكتسب هيكل، من هذه الزاوية، قوة بالغة في الأوساط الجماهيرية، فكل ما يكتبه هيكل، كأنما قاله عبد الناصر بنفسه. وعكفت الاستخبارات الإسرائيلية وعدد من أجهزة الاستخبارات الغربية، على مدار سنوات طويلة، على ترجمة مقالات هيكل المطولة، لوضعها على طاولة صناع القرار صبيحة كل جمعة، فور صدور الجريدة، وخروجها إلى منافذ التوزيع.

المراجع
--------------------------
(1- راجع: شموئيل سيجف، ملحق بعنوان: "مكانة هيكل في النظام الناصري"، ضمن كتاب لشمعون شامير بعنوان: "تراجع الناصرية 1965- 1970: غروب شمس حركة الخلاص"، تل أبيب، إصدارات الجامعة، 1978، ص: 145- 151).

---------------------------
جزء من الدراسة الإسرائيلية عن هيكل

Labels:

Saturday, May 05, 2007

هل تكون القاهرة محطة عزمي بشارة القادمة

واصل طه في حوار مع الكرامة


التجمع الوطني الديمقراطي شوكة في حلق إسرائيل







• مدهش هو حزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة المفكر العربي عزمي بشارة.. تجربة عربية فريدة من نوعها.. حزب قومي ديمقراطي..صلب في إيمانه بالحقوق العربية. لكنه يعمل داخل الإطار السياسي "الإسرائيلي"، ولديه ثلاثة نواب في الكنيست!! يؤكد أنصاره دائما أنهم أصحاب الأرض الأصليون، لذلك اختاروا الطريق الصعب، لم يمضوا علي درب غالب مجادلة، وصالح طريف اللذين انضما للأحزاب الصهيونية، متوسلين مناصب الدرجة الثالثة، مقابل تجميل وجه (إسرائيل) القبيح. رئيس حزبهم د. عزمي بشارة خرج من وطنه هاربا من عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد، والتهمة مشرفة مساعدة حزب الله أثناء العدوان الصهيوني علي لبنان. جاء عزمي إلي القاهرة، ولحق به وفد من أعضاء التجمع. قدم عزمي استقالته في سفارة العدو الصهيوني، ألقي بها في وجه كوهين معلنا بداية مرحلة جديدة للنضال ضد العنصرية (الإسرائيلية) اختفي عزمي عن الأنظار، حياته في خطر، الاحتياطات الأمنية وصلت حدها الأقصي. فذهبنا إلي رفاقه من التجمع نستوضح أبعاد القضية، وتوقعاتهم للمرحلة القادمة. في أحد فنادق القاهرة التقينا الناشط الناصري واصل طه، عضو الكنيست ورفيق بشارة. حاول الرجل أن يبدو مطمئنا واثقا، وإن كان يخشي علي مصير د. عزمي، يخشي من رصاصة صهيونية، أو عملية اختطاف قسرية. لا أحد يعلم بالضبط ماذا تفعل (إسرائيل)، وهي ما زالت تدمي من الهزيمة المدوية في بنت جبيل وعيتا الشعب ومارون الراس.



في البدء كان السؤال ، أنتم رافضون للاحتلال الإسرائيلي، ولا تعترفون في المحصلة النهائية بدولة (إسرائيل)، كيف تترشحون إذن لانتخابات الكنيست؟

- الحقيقة أننا مضطرون بشكل معين لهذا الترشح، فالنائب في الكنيست يمثل مصالح الناخبين ومواقفهم السياسية من خلال عمله البرلماني، وهذه إحدي الرسائل التي نحملها، وهي أن نرفع صوت الجماهير العربية المضطهدة في أعلي هيئة برلمانية في (إسرائيل)، لنقول للآخر أننا هنا موجودون. أنت احتللت الأرض وفرضت علينا هوية (إسرائيلية)، لكننا مازلنا عربا، وجئنا إلي قاعة الكنيست لنذكرك أن فلسطين لم تكن أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض كما تزعم المقولة الصهيونية.

دخلتم الكنيست، وأمضي د. عزمي 11 سنة داخل جدرانه، ما الجديد، وما سر هذه الهجمة الشرسة ضده؟

ــ منذ أسسنا التجمع، كان لخطاب د. عزمي في البرلمان دور في تغيير مستوي التمثيل العربي، وطرح القضايا العربية بالشكل الذي يخدم هذه الأقلية. وكان له إنجازات في هذا سوف تسجل في تقييم عمله البرلماني. ومنذ اليوم الأول لتشكيل التجمع الذي مثل رأس الحربة في مواجهة يهودية الدولة وصهيونيتها، أصبح الحزب مصدر إزعاج للدولة الصهيونية، وشوكة في حلق (إسرائيل). لذلك حاولت التضييق عليه من خلال شطب التجمع. وهناك الآن قضية أمام المحكمة العليا تقدمت بها دوائر إسرائيلية تطالب بذلك لأن هذا الحزب بخطابه وممثليه معادون للدولة ويهوديتها، ويشكلون خطرا عليها.

كيف يشكل حزبا خرج من رحم الأقلية، ولديه تمثيل محدود في الكنيست خطرا علي (إسرائيل)؟

- نحن في التجمع نطرح منذ اليوم الأول مفهوم دولة المواطنين، ويهدف هذا المفهوم إلي تنزيل الصبغة اليهودية عن الدولة، لأننا نعتقد أن اليهودية والديمقراطية متوازيان لا يلتقيان. وهناك تناقض كبير بين القيم الديمقراطية والقيم اليهودية التي ترتكز علي مفاهيم بعيدة كل البعد عنا كأقلية، وكفلسطينيين أولا وأخيرا، فنحن لا نستطيع أن نغير جلدتنا حتي نصبح مواطنين في دولة اليهود. ونحن السكان الأصليين ولن نقبل أن يفرض علينا النموذج الدخيل قيمه ومفاهيمه. لذلك يرتكز طرحنا دولة المواطنين، علي فكرة المواطنة الكاملة لما في ذلك من كشف للعنصرية الإسرائيلية. وأحب أن أقول إن هذا ما يزعج (إسرائيل)، ومع ذلك، وعلي الرغم من تلفيق التهم الأمنية الخطيرة للدكتور عزمي، فإننا لن نتراجع عن خطنا، وسنستمر في النضال من أجل تطبيق مبادئ الحزب.

هذا الكلام معروف عن الحزب منذ نشأته، ما الجديد لديكم لكي تقدم (إسرائيل) علي هذه الهجمة الشرسة؟

- لقد فكرنا وما زلنا نفكر في رفع قضايانا أمام أعلي الهيئات الدولية، إذا استمر التمييز العنصري بهذا الشكل ضدنا. وقد أيقنت (إسرائيل) أننا نقصد ذلك فعلا. فقد سبق وشاركنا في شكوي أمام محكمة لاهاي الدولية ضد الجدار العنصري الذي يفصل مدنا وقري عن بعضها البعض، وطلاباً عن مدارسهم، ومرضي عن مستشفياتهم، وعمالاً عن مشاغلهم، وفلاحين عن أراضيهم. ونشط الدكتور عزمي بشدة في هذه القضية، وقد صدر قرار المحكمة، وأدان (إسرائيل)، وطالبها برد ما استولت عليه من أراضي فلسطينية محتلة واعتبر أن كل تغيير في معالم هذه الأراضي المحتلة يتناقض مع القوانين والمواثيق الدولية. وقد أدي هذا النشاط إلي إزعاج (إسرائيل). والأهم أنه أقنع المواطنين العرب أن قضاياهم يجب أن ترفع للمؤسسات الدولية. وقد قررنا في التجمع أن نتبني هذا الاتجاه، وندعمه بطرح قضايانا أمام الجامعة العربية أيضا لتعرف حجم الظلم الذي يقع علي أبنائها داخل (إسرائيل).



واصل طه


اسمح لنا، لكن هل أثر هذا الخطاب فعلاً في جماهير عرب 48، هل يمكن اعتبارهم الآن شوكة في حلق (إسرائيل)؟
- من المفيد الإشارة إلي أن الدكتور عزمي هو رأس حربة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو صاحب الخطاب السياسي المهيمن في الوسط العربي علي مختلف شرائحه من عمال وفلاحين، ومثقفين وطلاب. فجميع الأهل في الداخل يتحدثون اليوم بهذا الخطاب في مواجهة المؤسسة السياسية، ومن هنا سلطت الأضواء من قبل المؤسسة (الإسرائيلية) علي نشاط التجمع عامة، والدكتور عزمي خاصة. وقد حاولوا في السنوات الأخيرة أكثر من مرة نزع حصانته، ومحاكمته بتهم دستورية، لكنهم فشلوا. اتهمهوه بالتحريض علي العنف أي أنه يدعم المقاومة، ويقول أنها ليست حقاً بل واجباً. وفشلوا أيضا في المحاكم بهذا الخصوص.

إذن ننتقل للتهم الأمنية، من المؤكد أن لديك معلومات خاصة عن طبيعة لاتهامات الموجهة للدكتور عزمي؟

- الحقيقة أنها تهم أمنية ملفقة وخطيرة للغاية، ومفادها مساعدة (العدو) وقت الحرب أي لبنان- حزب الله. وإدخال أموال متجاوزا بذلك قانون تمويل (الإرهاب)، وقانون غسيل الأموال، والاتصال بعناصر تعتبرها الدولة الصهيونية معادية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها عناصر مدنية وسياسية من صحفيين وسياسيين يعملون علي الساحة اللبنانية, وهناك تهم أخري، وهي زيارة دول معادية (سوريا ولبنان). فقد زار الدكتور عزمي، وجمال زحالقة وأنا سوريا ولبنان بعد الحرب الأخيرة، وتجولنا في بيروت والضاحية متضامنين مع الشعب اللبناني الذي تعرض لأبشع جريمة ارتكبتها إسرائيل في السنوات الأخيرة. وقلنا هناك بشكل واضح أننا شهود عيان علي جرائم (إسرائيل) بحق الشعب العربي اللبناني، وصرحنا أكثر من مرة داخل الكنيست أننا ضد العدوان علي لبنان، وضد السياسة (الإسرائيلية) البربرية ضد شعوبنا العربية. وهذه المواقف المبدئية هي التي دفعت (إسرائيل) للإسراع بتلفيق التهم للدكتور عزمي، متصورة أنها ستضع حدا له.ونعتقد أن (إسرائيل) في طريقها للتصعيد في هذه القضية، وضد التجمع ومؤسساته.

هل يتم شطب التجمع ومنعه من المشاركة في الانتخابات القادمة؟

- لا نستبعد أن تبدأ المعركة ضد التجمع في وقت لاحق، خاصة قبيل الانتخابات، لكن (إسرائيل) تعي أن إخراج التجمع وحله اليوم يعني فضيحة دولية لها، ولديمقراطيتها. وباعتقادي أنهم لن يقعوا في هذا الفخ. لكنهم سيحضرون لشطب التجمع في الانتخابات بعد القادمة.


أين المستقر..خرج الدكتور عزمي من مسقط رأسه تعتقد أين سيقيم في الفترة القادمة، هل تكون القاهرة محطته القادمة؟

- اتخذ الدكتور عزمي قرار الاستقالة لكنه لن يتحول للاجئ أبدي، سيعود، لكن بعدما ينتهي من ارتباطاته، وأجندة أعماله المزدحمة. وحتي عودته سيحاول إثراء الفكر القومي الديمقراطي من خلال محاضراته ومقالاته وكتبه. والمؤتمرات التي يدعي إليها. أما بالنسبة لمحل الإقامة فقد وجهت إليه دعوات كثيرة، وأظن أنه مرحب به في جميع الدول العربية. وهو يعتقد أن الوطن العربي كله وطنه. وحتي الآن لم يقرر أين يقيم بصفة منتظمة. ولعل ذلك أفضل نظرا للاحتياطات الأمنية والخوف علي حياته.

..القاهرة محطته القادمة؟

- القاهرة في نظر د. عزمي، ونظرنا مكان مهم جدا من كافة النواحي، وحضوره فيها سيكون مستمراً لأهمية الدور الذي يلعبه هذا البلد عربيا وعالميا.

استقال د. عزمي من الكنيست، واستقر الاختيار علي المحامي سعيد نفاع، أكبر الرافضين لإجبار الدروز علي أداء الخدمة العسكرية..أنتم في الطريق لمواجهة جديدة؟

- الأستاذ المحامي سعيد نفاع من الشخصيات القومية العروبية الوطنية. وهو يناضل منذ نعومة أظافره من أجل عروبة بني معروف الذين تعرضوا منذ عام 48 لمحاولات سلخهم عن عروبتهم وثقافتهم. وكان من أوائل الرافضين للخدمة العسكرية، وأمضي عقوبة السجن لمدة 3 سنوات. وبعد خروجه ترأس لجنة المبادرة الدرزية ضد التجنيد حتي حط به المقام في التجمع الوطني الديمقراطي، وانتخب كأحد قيادات هذه الحركة الوطنية، وعضوا بمكتبها السياسي. والجدير بالذكر أنه مشهور بمواقفه الوطنية لدي جماهيرنا كلها، وسيكون له دور فاعل معنا في قيادة التجمع.


محمد عبود
:إقرأ أيضا

Labels:

eXTReMe Tracker