Monday, May 07, 2007

..استئذان في الترجمة

الكتابة عن الأستاذ ليست بالأمر الهين حتما، يقف القلم معاندا، يكاد ينطق مذكرا بلغة الأستاذ المتدفقة حد الانسياب، الملتزمة حد الدقة، السلسة حد الرشاقة. فما بالك بترجمة دراسة بحثية متخصصة عنه، ومن لغة تربينا على أنها لغة "العدو". فرغم مرور عقود على رحيل عبد الناصر، وابتعاد الأستاذ، برغبته، عن مراكز صنع القرار في مصر، ما زال الإسرائيليون يعتبرونه العدو رقم (1). ومن هذا المنطلق تظهر من آن لآخر، دراسات عبرية عن "هيكل"، لكنها.. بالمفارقة مع ما نشهده في صحف الفكر الجديد، تعتبره عدوا محترما ومؤثرا، تسعى وراء دوره ومكانته وأثره الممتد في العقل العربي حتى اليوم.
آخر هذه الدراسات كتبها الدكتور "يوحاي بر سيلاع" المتخصص في الشئون العربية، والأفريقية.. دراسة عميقة وثرية تصل لنتيجة مهمة يجوز لنا أن نصوغها على النحو التالي: (كان اللاعب الرئيس في صياغة الرأي العام والوجدان العربي المناهض لـ"إسرائيل". صحفي صاحب ثقافة موسوعية، وبما أتيح له من موهبة، وبصيرة ثاقبة، وثوابت وطنية لا حدود لها، اقترب من مراكز صنع القرار. هو من بلور الرؤية العربية تجاه إسرائيل، وصك الخطاب العربي تجاه العدو، وأكسبه عمقا ثقافيا ومعرفيا. وما زالت مقالاته في هذا الصدد صالحة للقراء حتى اليوم، وكأن حبر القلم لم يجف بعد).
لم تكن غريبة النبرة العدائية تجاه الأستاذ، وهي مبررة حال صدورها عن الأعداء. لكن المتابع لو قدر له قراءة ما كتبه الإسرائيليون عنه، سيندهش من حجم الاحترام والتقدير، واختيار الألفاظ والكلمات بحساب حال التعامل مع قامة بحجمه. فالإسرائيليون يعلمون جيدا أن هيكل، وتلاميذه من بعده، حرموا "إسرائيل" من التغلغل في الشرايين العربية، ومع ذلك لا تجد بذاءات ذات اليمين.
ترجمت الدراسة من هذا المنطلق، ودون كثير تعليق..لإدراكي، أن كل ادعاءاتها شهادة جديدة لمهنية ودور الأستاذ الوطني.
فقط أشير إلى أن الدراسة عند اقتباسها من مقالات الأستاذ لم تلتزم أمانة النقل في مواضع.. ولم تلتزم المعنى المقصود في مواضع أخرى، ووقعت في مغالطات تاريخيةلا سيما عند الحديث عن بداية علاقة الأستاذ بالضباط الأحرار، وتقييم نتائج حرب أكتوبر. لكنها تكشف عن كم غير قليل من المراجع العبرية التي عرفت مكانة "هيكل"، ودرست دوره جيدا، وقدرته حق قدره.
كاتب الدراسة، هو الدكتور "يوحاي بر سيلاع": متخصص في الشئون السياسية والاجتماعية بالشرق الأوسط. يعمل باحثا في عدة جامعات إسرائيلية وغربية، منها تل أبيب، وبر إيلان، وأكسفورد، وهارفارد. واستقر الآن في مركز ديان للدراسات السياسية والإستراتيجية بجامعة تل أبيب، ومجال تخصصه الدقيق الشئون السورية المعاصرة، ومن أبرز دراساته: "وجيهة الحويدر..ملامح ليبرالية سعودية"، و"أحمد سعيد ومصر إبان حرب يونيو 1967"، و"نوني درويش- عرب من أجل إسرائيل"، و"علاقات المسلمين والأقباط في مصر- تقدير موقف". و"دور حزب البعث السوري في حرب يونيو 1967"، و"أحمدي نجاد_ الحرب الشاملة باسم الإسلام الراديكالي"، و"انقلاب الضباط في سوريا 1963".
وقد نشرت الدراسة في "دورية امجو"، وهي مجلة بحثية إسرائيلية مهمة ظهرت في أغسطس 2003. وتهتم بإثراء المعرفة الثقافية والفكرية لدى القارئ الإسرائيلي. وتنشر دراسات ومقالات مطولة في مناحي شتى..من الثقافة إلى والتاريخ مرورا بالحركة النسوية. لكنها تهتم في المقام الأول بدراسات معنية بالمجتمع الإسرائيلي المعاصر من زوايا رصد غير تقليدية. وتستكتب كبار الكتاب في إسرائيل.

محمد عبود

Labels:

4 Comments:

At 3:23 AM, Anonymous Anonymous said...

ليس هناك مجال لكتابه اشاده عنك بعد ما كتبه الدكتور عبدالحليم قنديل
ولكن وبكل صدق انت اكثر من رائع ومجتهد واعتز بصداقتك لاقصى درجه
تلميذك واخوك الصغير
فجر فاروق

 
At 1:44 PM, Blogger أخف دم said...

عبوووووووووووووود
يعنى يا عم تحرمنا من كتاباتك الفترة دى كلها وفجأة ألاقى كام بوست مرة واحدة ؟
طب مش تطمنا عليكيعنى .. انا جيت كام مرة وسألت عليكيعنى ..
ابقى طمنا عليك بس وماتحرمناش من بوستاتك ووجودك
ربنا معاك ويوفقك

 
At 10:40 PM, Blogger aboud said...

أولا يا أشرف أنت بالذات واحشني جداااااااااااااااااااااااااااااااااا جداااااااااااااااااااااااااااااا
ومتزعلش أني مرديتش الفترة اللي فاتت..كنت بعيد عن المدونة فعلا..وكنت حالف ما أرجع إلا لما أخلص شغل مهم كان متعطل..والحمد لله كله تمام دلوقتي، ورجعت أستمتع من تاني بالبوستات الملهمة بتاعتك..وشكرا ياباشا على تعليقاتك الجامدة

 
At 10:47 PM, Blogger aboud said...

فيجو صديقي الجميل، انت فيك كل الصفات الحلوة لصديق..انا اللي بعتز بصداقتك..يا جميل..وبعتز بكتابتك الصادقة في "أنا عربي". بجد مدونة جميلة..وأنت أجمل

 

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker