Monday, April 10, 2006

إسرائيل تروج لإنجيل يبرئ يهوذا


المخطوط عثر عليه فلاح مصري في المنيا
تم تهريبه وبيعه مرتين، وسرق مرة واحدة.
فريدة شركس فشلت في بيع المخطوط فسلمته لمتحف بازل
الإنجيل سيعرض في المتحف القبطي بالقاهرة
الإنجيل: "حلمت أنني أقف، و12 تلميذ يرجمونني، ويعذبونني".


اهتمام ضخم، أبدته الصحافة "الإسرائيلية" هذا الأسبوع بقصة الإنجيل الجديد المكتشف حديثا، والذي اشتهر في الأوساط الأكاديمية باسم إنجيل "يهوذا الإسخريوطي". سعادة غامرة عبرت عنها "معاريف"، التي توقعت أن تتم تبرئة "يهوذا" من دم المسيح، كما سبق وبرأ الفاتيكان اليهود المعاصرين من دمه. رغم أن الكهنة اليهود قالوا صراحة للحاكم الروماني: "دمه علينا وعلى أبنائنا".
القصة تفجرت عندما أذاعت قناة "ناشيونال جيوجرافيك" المتخصصة في الاكتشافات الأثرية والتاريخية والعلمية، فيلما وثائقيا يوم الأحد الماضي. أعلنت فيه اكتشاف إنجيل جديد بخلاف الأناجيل الأربعة المعتمدة، والمشهورة. الإنجيل اكتشف في مصر، ومكتوب باللغة القبطية، ويخالف نص الأناجيل الأخرى في عدد من الروايات الثابتة، وأبرزها الرواية المتعلقة بخيانة "يهوذا الإسخريوطي" للسيد المسيح.
وبحسب قناة "ناشيونال جيوجرافيك" فإن الإنجيل المكتشف حديثا، يزعم أن يهوذا لم يخن، ولكنه ضحى بنفسه، وبسمعته من أجل سيده المسيح، وأن اليسوع قال لـ"يهوذا": "أنت ستكون أعظم تلامذتي جميعا، أنت ستخلصني من ناسوتي، لأتحد بلاهوتي إلى الأبد". وبالتالي فأن "يهوذا" عندما سلم المسيح كان يريد افتداء البشرية، بصلبه. وعلى ذلك فهو الوحيد من تلامذة المسيح الذي فهم المغزى الحقيقي للديانة الجديدة، وكان لديه من الشجاعة، ما يؤهله لتنفيذ الأمر الإلهي!!
الانجيل الجديد يحاول تثبيت هذه الرواية، بأي طريقة، حتى أنه يبدأ بالفقرات التالية: "القصة السرية للبشارة التي اختص بها اليسوع، "يهوذا رجل كريوت"، قبل عيد الفصح بثلاثة أيام". وبعد هذه العبارة، بعدة صفحات يرد في النص أن جميع تلامذة المسيح سيحتقرون "يهوذا" لكنه سيكون أسمى منهم جميعا. ويتنبأ "يهوذا" نفسه في الصفحات التالية بما سيفعله مع تلامذة المسيح ويقول: "حلمت أنني أقف، و12 تلميذ يرجمونني، ويعذبونني".

وبدأت قصة هذا الإنجيل العجيب، منذ 28 عاما، في مغارة على ضفاف النيل، عندما عثر فلاح مصري على بردية ملفوفة في قطعة من الجلد. وتعود الوثيقة وفقا لتقديرات الباحثين الأمريكان إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي، وكانت تضم ما عرف بعد ذلك بالنسخة الوحيدة من إنجيل "يهوذا الإسخريوطي". واعتبارا من هذه اللحظة وحتى اليوم ارتبطت هذه المخطوطة بأحداث عجيبة، تم تهريبها من مصر إلى أوروبا، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبيعت مرتين، وسرقت مرة واحدة. وفي النهاية، نقلت منذ خمسة أعوام إلى متحف في السويد، حيث عكف عدد من العلماء على ترجمتها، ودراستها!! لكن خلال الفترات التي هربت وسرقت فيها، لا يعلم أحد هل عبثت بها أيدي "إسرائيلية" أم لا.
و يرجح الباحثون الأجانب أن "الإنجيل الحديث" كتب في اليونان، على أيدي عدد من المسيحيين الغنوصيين، الخارجين عن المسيحية الرسمية، بعد وفاة المسيح، وهو يطرح رؤية مختلفة عن الرواية الشائعة بخصوص قصة حياة المسيح. ويتمثل الاختلاف الجوهري في موقف الإنجيل من "يهوذا الإسخريوطي". فبدلا من الخائن الشرير النصاب الذي وردت قصته في الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا). يقدم الإنجيل الجديد يهوذا بوصفه أقرب أصدقاء المسيح إلى نفسه، وكاتم أسراره. كما يزعم المخطوط أن قرار تسليم اليسوع للرومان كان قرار المسيح نفسه، وأن يهوذا الإسخريوطي لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه، بل بناء على وصية سيده!!
وفي الفيلم الوثائقي الذي أذاعته "ناشيونال جيوجرافيك" يوم الأحد الماضي، بعنوان "إنجيل يهوذا الإسخريوطي"، جرى عرض المخطوط المكتوب باللغة القبطية، ويتكون من 66 صفحة، من ورق البردي في حالة سيئة، وتتحدث 26 صفحة منهم عن "يهوذا" ودوره في صلب المسيح. والفيلم من بطولة "جيمس بارات" يبدأ باستعراض الأحداث منذ اكتشف فلاح مصري المخطوط، ثم اشترته "تاجرة أثار" أمريكية من أصل مصري تدعي "فريدة شركس". وسافرت بالمخطوط لاستشارة خبراء في جامعة "ييل"، أكدوا لها أنه مخطوط يعود للقرن الثالث الميلادي على وجه التقريب.
وبعد سنتين من هذه الاستشارة الأكاديمية، فشلت "فريدة شركس" في بيع المخطوط بثمن مناسب. فسلمته لمتحف ومعهد "ماكنس" للدراسات في مدينة بازل السويسرية. وتفرغت مجموعة من الباحثين لدراسته، برئاسة الباحثة "فلورنس دار بارا" التي تتمتع بشهرة دولية في هذا المجال، وضم الفريق، "ردولف كاسر" أحد كبار المتخصص في اللغة القبطية، وتولت قناة "ناشيونال جيوجرافيك" تمويل المشروع، على أن تنفرد بإذاعة فيلم وثائقي عنه، حال الانتهاء منه.
ويرى الباحثون الذين تعاملوا مع المخطوط أنه يحتوي على إنجيل رفضته المؤسسة الدينية المسيحية وقت جمع الأناجيل الأربعة في كتاب "العهد الجديد"، وأن الأسقف "أورانيوس" رفضه، كما رفض أناجيل أخرى مثل إنجيل "مريم المجدلية"، واعتبرها مجرد "هرطقات"، و"حديث كفر" لا يمكن تضمينه نص العهد الجديد.
لكن الجدير بالذكر أن عدد من الباحثين الأمريكان، عقدوا مؤتمرا في واشنطون الأسبوع الماضي أوضحوا فيه أن هذا الإنجيل نسخة من الإنجيل المكتوب باليونانية ترجمت إلى القبطية في فترة متأخرة، مع تحريفات لقصة خيانة "يهوذا الإسخريوطي"، وصرح الباحثون أن الإنجيل سيعاد إلى مصر ليعرض في المتحف القبطي بالقاهرة، بعض عرضه على المتخصصون في واشنطون.
والمعروف أن هذا الإنجيل شأنه شأن الأناجيل الأخرى (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) لم يكن مكتوبا في بادئ الأمر، وكان المؤمنون المسيحيون يتناقلونه شفهيا حتى عصر التدوين

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker