خاتم سليمان
من منا لم يحلم في صباه بامتلاك خاتم سليمان، ففور الحصول عليه ستتفتح الأبواب المغلقة، وتتحقق أحلام الصبا المعلقة. تكونت في مخيلتنا صورة وردية لخاتم سليمان الحكيم، الذي تحدث لغة الطيور، لعله خاتما ذهبيا مرصعا بالياقوت والماس، أو خاتما مسحورا مسكونا بالجان والألغاز؟ وكان لي صديق يحلم بخاتم سليمان، لكنه يتساءل طوال الوقت كيف سأرتدي خاتما ذهبيا، أليس الذهب محرما على الرجال، وهل يغفر لي الله هذا الذنب الصغير!! ولم يتخلص من هذه الحالة إلا عندما قلت له أن خاتم سليمان ليس خاتما بالمعنى المفهوم، بل ختم استعمله سليمان الحكيم في مملكته الصغيرة، وأن هذا الختم كان على شكل نجمة داود، وقد جعل سليمان منه خاتما يرتديه في إصبعه تسهيلا لمهمته. ووجدته يردد بصوته الجهوري: "على شكل نجمة داود..الله الغني.. إيه الحكاية دي؟". فقلت الحكاية ببساطة أن سليمان الحكيم ابن النبي داود، وكانت نجمة داود في المصادر العبرية لها اسمين نجمة داود وخاتم سليمان، وهذه النجمة تتألف من مثلثين متساويا الأضلاع موضوع أحدهما فوق الأخر بشكل عكسي وكانت تستخدم لدى شعوب الشرق القديم بوصفها رمزا سحريا يوضع على واجهات المعابد والمباني للوقاية من الحسد، والعين الشريرة، وكأداة للزينة. وبالتالي فإن خاتم سليمان كل معجزته أنه يدرء الحسد، ونجمة داود عندما تحتل أغلفة الصحف العبرية تكون دائما باللون الأزرق الطارد لعين الحسود. فردد صاحبنا بصوت أكثر قوة: "الله الغني مرة ثانية..هيحسدوني على إيه..خلاص مش عايز الختم..بس اليهود جابوا الموضوع ده من فين". الحقيقة أن أصل هذا الرمز غامض، إذا أنه لا توجد إشارة له في التوراة ولا في العهد القديم ولا في التلمود.كما أن نجمة داود بشكلها المتعارف عليه لم تتنشر كرمز يهودي إلا اعتبارا من القرن السادس عشر أما في القرن التاسع عشر فقد ظهرت نجمة داود على درع عائلة روتشيلد عندما رفعه الإمبراطور إلى مرتبة النبلاء". وقد دفع انتشارها في العصر الحديث في المعابد والنصب التذكارية اليهودية قادة الحركة الصهيونية للإعلان عنها كرمز أساسي في علم الحركة والذي أصبح علما لدولة إسرائيل فيما بعد. رغم أن الشعار مسروقا من تراث الحضارات القديمة وبخاصة الحضارة البابلية التي اشتهرت بالسحر، واعتاد نبلاؤها الحفر والنقش على الجدران الداخلية والخارجية لمعابدهم ومنازلهم كنوع من الكبرياء والعظمة، وكرمز من السحر والخيال، ولم يكن في حياة اليهود فن معماري يذكر بالمقارنة مع مصر وبابل وأشور.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home