Tuesday, November 28, 2006

سديروت في مخيمات الخوف

..المجد للقسام


نقلة نوعية إستراتيجية في أداء وتكتيكات المقاومة الفلسطينية فرضت نفسها على الساحتين العسكرية والإعلامية، فرغم البساطة التي تميز هذا التكتيك، ورغم ما تعاني منه القضية الفلسطينية من تأزم لم تشهده منذ عشرات السنين فإن للأمر صدى كبيرا لا يخفيه العدو في تصريحاته، وبعدما كنا نتحدث عن ميكانيكا النبلة وأنواع الحجارة.. فنحن الآن نتحدث عن إطلاق صاروخ "القسام" الذي ابتكره الجناح العسكري لحماس. ورغم بدائية هذا الصاروخ الذي يصنعه أبطال الانتفاضة منزليا، فإن أثره على العدو واضح وجلي، فصاروخ مثل القسام–2 تصفه الـ times البريطانية بأنه: الصاروخ البدائي الذي قد يغير الشرق الأوسط. وتصفه الـ CNN الأمريكية بأنه الورقة الشرسة في المنطقة. وتتساءل مراسلة الـ CNN: "كيف يمكن لهذه الصواريخ البدائية أن تؤثر في التوازن العسكري الإسرائيلي الفلسطيني، وتجعل هذه الترسانة (الإسرائيلية) عاجزة بلا حيلة؟".


صاروخ القسام هو صاروخ مدفعي بدائي مُصنَّع يدويا في البيوت الفلسطينية تقدر الـ CNN مداه بـ 8 كم، وتؤكد حماس على صفحات موقعها على الإنترنت أن مداه من 8 إلى 12 كم. وهو عبارة عن قذيفة طولها 6 أقدام (180 سم تقريبا)، مصنعة من مزيج من السكر، الزيت، الكحول والأسمدة العضوية، وهو الخطوة الأكثر خطورة من القسام –1 الذي كان يتمتع بمدى أقصر، وكان يسهل اتباعه.



ينطلق الصاروخ من أنبوبة حوالي متر في طولها و120 ملم في وسعها، ويستخدم من 4 إلى 6 كجم متفجرات لإطلاقه، ويتم ضبطه من بُعد، وهو ما يحمي المقاتلين من رد فعل إسرائيلي على موقع الانطلاق. لكن الأخطر أن صاروخ القسام- 2 يستطيع الوصول إلى قلب المستوطنات في ثوان، حتى ارتبط اسمه في الآونة الأخيرة بمستعمرة "سديروت" التي أقيمت عام 48 على أنقاض بلدة ناجد الفلسطينية. عندما طرد جيش الاحتلال سكانها الـ 650، وصارت "سديروت" بعد ذلك مركز تجميع للمهاجرين من إيران وكردستان العراق..ثم أصبحت من كبريات المدن (الإسرائيلية) المتاخمة لقطاع غزة (على بعد 1 كم).
وبفضل القسام أصبحت "سديروت" التي يقطنها وزير الدفاع "بيرتس" وعدد من كبار السياسيين، دليلا حيا على بسالة المقاومة بعدما فر الآلاف من سكانها إلى إيلات هرباً من القسام..والبقية هجرت منازلها وعاشت في مخيمات بالحدائق العامة. وأصبح اليهود يعرفون، لثاني مرة بعد تهجير سكان الشمال هربا من كاتيوشا حزب الله، معنى الحياة داخل المخيمات
.


ثمن الدم باهظ في (إسرائيل)، ونجاح صواريخ القسام في إحداث إصابات مباشرة أصبح حديث الساعة في الأوساط الصهيونية. لقد تحولت "سديروت" إلى مدينة أشباح، وانعكست أحوالها على الفعاليات السياسية والعسكرية والاجتماعية. خاصة عندما برز على الساحة السياسية الملياردير اليهودي "أركادي جايدماك"، متحملا نفقات تهجير وإعالة سكان "سديروت"..وعلى الفور تنبأت له استطلاعات الرأي باكتساح الانتخابات العامة على رئاسة الوزراء في مواجهة أولمرت. الأمر الذي دفع الأخير للهجوم عليه علانية في وسائل الإعلام، ودفع "جايدماك"، في المقابل، إلى نشر إعلانات مدفوعة الأجر في كبريات الصحف ليسوق نفسه سياسيا في مواجهة الثنائي الفاشل "أولمرت- بيرتس".

ورغم عبثية الموقف، واستحالة تقدم الملياردير اليهودي خطوة سياسية دون الالتحاق بحزب كبير مثل الليكود، أو التحالف مع زعيمه "بنيامين نتانياهو" إلا أن وسائل الإعلام (الإسرائيلية) لا تتوقف هذه الأيام عن الحديث حول خطر صواريخ القسام، وتنشر تسريبات حكومية تبين حجم الرعب الناتج عن القصف المتواصل، فتقول "معاريف" أن وزير الدفاع بيرتس قال لقادة الأجهزة الأمنية: "اعرضوا علي حلولا مبتكرة..ألا توجد في جعبتكم فكرة واحدة جديدة..فكروا في أي وسيلة جديدة لم نجربها". وتوضح نفس الصحيفة أن قادة الجيش عبروا خلال الأسابيع الماضية عن عجزهم في مواجهة تقنية "القسام البدائية" التي تمكنت من شل الحياة تماما في مدينة "سديروت". ومن المتوقع أن يتسع نطاقها لجميع المدن الصهونية جنوب غربي النقب. والجيش (الإسرائيلي) لا يملك "عصا موسى" لمواجهة القسام، والحل الوحيد حسب العقلية الصهيونية هو ارتكاب المجزرة تلو الأخرى. لكن يبقى أن صورايخ القسام صارت تحقق توازن الرعب، كما توضخ الصور التي نشرها موقع "سديروت" على الانترنت، وتطالب اللافتات التي حملها المستعمرون بحل فوري للمشكلة الأمنية، حتى لو تم تعيين "أبومازن" وزيرا للدفاع في الكيان الصهيوني، بما يعبر عن فقدان ثقة واضح في المؤسة العسكرية والسياسية!!

لافتة تطالب بتعيين محمود عباس وزير للدفاع في إسرائيل

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker