Tuesday, October 31, 2006

رشاد الشامي..عذرا أستاذي لم أصدق أنه مرضك الأخير

إعتبرته هم شخصىّ ولم أشأ الكتابة عنه حتى لا أشغلكم بهموم خاصة ، إلى أن قرأت اليوم مقالة للأستاذ محمد عبود فى جريدة الكرامة يتحدث عنه ، لم أستطع مقاومة رغبتى فى الحديث عن رشاد الشامى الإنسان وقد تحدث الأستاذ محمد عبود عن الأستاذ الدكتور المفكر والمؤلف والباحث .إنه أستاذى ومعلمى دكتور / رشاد الشامى أستاذ اللغة العبرية بآداب عين شمس .كنت فى فريق الجوالة بالكلية وكان هو الأخ الأكبر للجوالة ، كنا نلتف حوله فى ليالى المعسكرات ليحدثنا عن دراساته للمجتمع الإسرائيلى وكم هو هش هذا المجتمع الذى يضم شرذمة من المهاجرين المتنافرين المتضادين فى العادات والطباع ، فلم يكن يجمعهم إلا هدف واحد وهو إقامة دولة إسرائيل ، كارهين لبعضهم البعض يتعامل الغربى منهم مع الشرقى من منطق السادة والعبيد .كان لايمل عن الحديث عن قدرة الشعوب العربية أصحاب الحق فى سحق هذا الكيان إذا آمن حكامه بما كان يؤمن به عبد الناصر ( الحق فوق القوة ) ، تعلمنا منه أن الإرادة القوية وأن الإيمان بالحق هو طريق النصر .تعلمنا منه كيف نقرأ خبر فى جريدة .. نستخلص مابين السطور.. لمواجهة مايبثه أعلام السادات عن ضرورة وحتمية إقامة سلام مع دولة إسرائيل ، وكان دائما مايحثنا على معرفة لغة عدونا حتى نستطيع معرفة نقاط ضعفه والتغلب عليه .وفى أيام الدراسة كنا نبحث عنه دائما، ونادرا ماكنا نجده فى مكتبه ، فهو دوما وسط الطلبة يناقشهم ويتحاور معهم فى الأمور العامة والخاصة ، علّمنا أن نبحث عن إجابات أسئلتنا فى مكتبة الكلية ، وكما كنا نتسابق لحضور محاضراته .. كنا أيضا نتسابق للذهاب إلى المكتبة لنجرى أبحاث – لم تكن مطلوبة – لنراه هناك يدلنا على الكتب التى يجب أن نقرأ ورسائل الماجستير والدكتوراه لزملائه حيث كان يعتبرها مجهود أولى بالقراءة للإستفادة منه .
كنا نلجأ إليه لمساعدتنا فى حل مشاكلنا مع إدارة الكلية .. جدول الإمتحانات .. توزيع الطلبة على أقسام لغات شرقية ، وأشياء من تعنت الإدارة معنا .. كان أجمل مافيه – وهو يحمل الكثير من بواطن الجمال – أنه لم يكن يتعالى علينا كالآخرين ، بل يستمع ويسعى للحل الذى يرضينا ، مؤمن بإمكانيتنا لخلق مستقبل أفضل فيحاول تذليل الصعوبات لنتفرغ للدراسة والقراءة .
أذكر فى الليسانس أن الكلية أعلنت عن قيام رحلة للأقصر وأسوان ، طلب منا جميعا أن نشترك فيها وأخبرنا أنه المشرف عليها وأنها فرصتنا الأخيرة للإنطلاق معا قبل أن تذهب بنا الحياة كل فى طريقه ، وعندما إعترض بعض الأهل على الذهاب لرحلة لمدة أسبوع كان يجرى الإتصالات بنفسه بهم ليقنعهم بأهمية الرحلة ويؤكد لهم أنه سيسهر على سلامتنا حتى العودة .. وحملت هذه الرحلة أجمل ذكرياتنا عن الجامعة على الإطلاق وقد ارتبطت به .. كم كان حريصا علينا – البنات بالذات – وعلى راحتنا وأمننا ، لم يكن يلجأ لحجرته إلا بعد المرور علينا للإطمئنان على راحتنا ، وفى الصباح الباكر كانت دقاته على الحجرات إيذانا ببداية يوم جديد بما يحمله من سعادة وانطلاق .
كل من تتلمذ على يديه يعلم كم كان هذا الرجل عظيم ..حنون .. محترم .. مفكر ومثقف ومحب لوطنه ومؤمن بقدراته .
أستاذى ومعلمى .. كل تلاميذك مدينين لك بالفضل وكنت تعلم أن من منهم خارج الوطن دائم السؤال عنك والتواصل معك سواء بالخطابات أو الإتصال ، وفى زياراتهم السنوية كان أول إهتماماتهم زيارتك فى الرابطة التى أنشأتها للخريجين من لغات شرقية لتظل الصلة بيننا موجودة ، وكانت ابتسامتك العريضة تستقبلنا عند عودتهم واجتماعنا معا للقيام بزيارتك فخورا وسعيدا بحرصنا على لقائك .عندما اتصل بى صديق من إنجلترا ليخبرنىبسماعه عن مرضك .. طلب أن نتصل به أثناء زيارتنا له ليسمع صوته بنفسه ، وعندما بدأت فى الإتصال بالأصدقاء بالقاهرة لنفعل كما تعودنا .. نزوره مجتمعين ليلقانا بابتسامتة المحببة .. قال لى أحدهم "اتأخرتى ياهدى .. د/رشاد خرج للمرة الأخيرة اليوم صباحا من آداب عين شمس "
جمعتنا فى مرضك كما كنت تجمعنا فى حياتك .. وعندما علم الجميع بخبر الوفاة كنا نبكى ونتبادل التعازى وكأنك الأب والأخ والصديق والأستاذ الذى افتقده كل منا ظنا بأنه كان الأقرب إليك .. فهكذا كنت تشعرنا جميعا .عزائى أنك كنت تعلم كم كنا نحبك وفخورين بأننا تتلمذنا على يديك ، وليسمح لى الأستاذ محمد عبود أن أستعير نهاية مقاله حيث أنه يعبر تماما عنا نحن تلاميذ الدكتور /رشاد الشامى
(( لن أقول وداعا بل أقول سلاما وتحية لك ، فالتحية حياة والتحية هى المحافظة على وديعتك التى أودعتها لدى كل من لايزال مؤمنا بأن المقاومة هى كل مانملك وبأن الوعى النقدى هو طريق النهوض ، د/رشاد الشامى .. لانحسبك من الراحلين عن دنيانا ، ستبقى دوما فينا بعلمك وأبحاثك ووفاء تلامذتك وزملائك الباقين على العهد المقيمين لشعائر الإخلاص )).
عذرا أستاذى لم أكن فى وداعك لم أصدق أنه سيكون مرضك الأخيروأنى لن أراك مرة أخرى .
هدى عبدالباسط
نقلا عن منتديات الكرامة

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker