Wednesday, August 02, 2006

طعيمة: يعتذر عن المقارنة بين أبو الشهيد وأبو الشريك




الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـــد..



ليس أصدق من شهادة "عدو" لك.. "عدو" أعلن رسمياً وتمنى شعبياً تصفيتك مع مقاومتك كهدف إستراتيجي له، ومع ذلك يحترمك، وهو يدرك يقيناً أن مشروعك هو إزالته من الوجود، كما ورم سرطاني زرعه الغرب في جسدك.


لـ(السيد) شهد مرتزقة الصهاينة في إستطلاع شهير أجروه "هم"، وفي أعقاب إعلان نتائجه، كان أحد همومهم الأساسية.. كيفية وقف تأثير خطاب (السيد) على نفسية المرتزقة مُحتلي فلسطين.. تماماً كما فعل معهم لحظة إعلانه ضرب بارجتهم وإغراقها.

لـ(السيد) خطابه السياسي الذي يُقر أعداؤه بوعيه وحنكته، و"كاريزما" خاصة أجمع المختلفين معه عليها، تدعمها موهبة طبيعية في الخطابة، وإدراك وإجادة لأُسس "اللعبة"، من أعدائه.. تصفه (روبين رايت) المراسلة الدبلوماسية لـ(واشنطن بوست) التي أجرت مقابلة معه تجهيزا لكتابها الصادر قريبا (أحلام وظلال: مستقبل الشرق الأوسط) بأنه "رجل دين وسلاح وحكم، مزيج من آية الله الخميني وشي غيفارا، إسلامي شعبوي كما انه تكتيكي حرب عصابات كاريزمي."، وانه "تمكن، بقوة ثابتة يتراوح عددها بين 600 والف مقاتل، في تحقيق ما لم تتمكن فيه عشرات الآلاف من الجنود في جيوش مصر وسورية والاردن من تحقيقه في نصف قرن ـ إجبار اسرائيل على الانسحاب." ولها قال سفير المرتزقة لدى الولايات المتحدة دانييل ايالون،الجمعة الماضي، «هو اكثر الزعماء في العالم العربي مكرا، واخطرهم».
من أصدقائه.. يصفه (نعوم تشومسكي) بكل ثقله الثقافي والمعنوي الدولي"عقلاني وذكي ومحلل جيد للوضع اللبناني"، ونضيف انه حين يتحدث عن "تفاوض غير مباشر" مع العدو يدرك أن شبكة التفاوض البديلة والتي تمتد من طوكيو إلى واشنطن تكشف حقيقة المشروع الصهيوني كمشروع غربي.. وأنه عملياً يتفاوض مع الرأس بوجوهه المتعددة.

يدرك (السيد) جيدا قواعد اللعبة.. وأن "العدو" ليس قوياً إلا بقدر ضعفك، "إسرائيل قوية في أذهاننا فقط، وعندما نسقط هذا الوهم ونستخدم القوة الكامنة فينا سنجد الكيان المسمى إسرائيل أوهن من بيت عنكبوت". وأن سلاحنا الأول هو "لحمنا الذي يعيش وطنه".. لا من يعيش على أرض مُحتلة تلفظه لان جذوره خارجها.. وأن من يستطيع.. ويتحمل "الثمن" سينتصر لا محالة.. وأن موازين القوى "شئ نسبي" وعليك أن تجيد توظيفها.. هكذا يؤكد تاريخ الشعوب.

فمع ميلاد الحزب وترسيخاً لـ"ثقافة الثمن" يتذكر (السيد) دائماً عملية نفذها الشهيد (أحمد قصير) حين فجر مقر حاكم الإحتلال في صور (11 نوفمبر 1982) موقعاً 85 قتيلاً في صفوف المرتزقة. لكن الضربة الكبرى جاءت بعد عام واحد من ميلاد (الحزب)، في الثالث والعشرين من أكتوبر 1983 اقتحمت شاحنة معبأة بالمتفجرات مقر (المارينز) قرب مطار بيروت ، كانت أقسى ضربة تتلقاها واشنطن في يوم واحد منذ الحرب العالمية الثانية، قتل 241 من المارينز في ثوان قليلة،.إرتفع عددهم مع نفوق عدد من الجرحى إلى 270. على الفور برز مطار بيروت الذي كان مختفياً خلف المبنى الضخم لمقر سالخي الرؤوس، وتزامن هذا الهجوم مع آخر استهدف مقر المظليين الفرنسيين في بيروت، فقتل 56 منهم، وقتها هرول (جورج بوش) نائب الرئيس -وقتها- إلى بيروت. وإنسحبت قوات الدولتين تاركة حلفائها الإنعزاليين- من المارونيين في الأساس- لهزيمة محتومة.. أمام منظومة المقاومة التي رسخها (السيد).

31 أغسطس 1960 ولد السيد (حسن نصر الله عبد الكريم نصر الله) في حي (شرشبو) بمنطقة (الكرنتينا) في بيروت، لأب محسوب على التيار القومي السوري، يعود في أصوله إلى بلدة البازورية في البقاع، كان (السيد) هو الأكبر بين أربعة أشقاء وخمس شقيقات، طفلا كثير القراءة.. يتلقى المزاح الثقيل من أقرانه بهدوء وخجل. أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة "الكفاح" الخاصة ببيروت، وجزءاً من المتوسطة في "الثانوية التربوية" بمنطقة سن الفيل. وعندما بدأ يهتم بالسياسة، تأثر بالإمام موسي الصدر، فانضم إلي حركة أمل التي أسسها الإمام. كان (الصدر) جميلاً بهيّ الطلعة يتمتع بحضور طاغ وكاريزما سياسية افتقدها رجال دين وسياسيون لبنانيون.. هكذا حلم (السيد) ان يكون.. وقد كان. ربما من أجل هذا الحلم سافر عام 1976 لعامين إلي "حوزة" النجف العراقية، لتلقي العلوم الدينية. يقول رفاقه أن صداقاته في بدايات الوعي توزعت بين شيوعيين وناصريين وبعثيين وسوريين قوميين.

ننقل عن مجلة السياسة الدولية "كان شديد التفوق في دراسته، حيث أنهي الدراسة التي تحتاج عادة إلي أربع أو خمس سنوات في سنتين فقط، وهو ما عُد دليلا علي نبوغه المبكر." وفي عام 1978، عاد متخفيا عن أنظار نظام صدام إلي لبنان ليواصل دراسته في مدرسة أسسها إستاذه عباس الموسوي، وينضم لحركة أمل وسرعان ما أصبح مسؤولاً تنظيمياً لها في بلدته، رغم صغر سنه، وبعد أربعة أعوام، تم تعيينه مسؤولاً سياسياً للبقاع، حيث نزحت إسرته هرباً من الحرب الأهلية، وعضواً في المكتب السياسي للحركة.


عام 1982 ومع اجتياح المرتزقة لبيروت، كان على (الموسوي) وتلميذه فرز توجههما عن تحالف نبيه بري مع بشير الجميل "الماروني" المؤيد للصلح مع مرتزقة الغرب، تمسك (السيد) بخيار المقاومة واستعادة ثقافة الاستشهاد. ليكون لـه الدور الأبرز في تعبئة المقاتلين ضد العدو.. بأوجهه المتعددة، خلالها سافر إلي مدينة (قم) أواخر الثمانينيات، حيث توطدت علاقته مع القادة الإيرانيين، وتولدت لديه قناعة بأنه في ظل العداء الرسمي العربي لا غني عن دعم إيراني وسوري لمواصلة المقاومة.

إثر استشهاد (الموسوي) 13 فبراير 1992 ورغم انه الأصغر سنا إختاره مجلس شوري الحزب أمينا عاما. وتحت قيادته لم يعد الحزب مجرد حركة مقاومة لبنانية، بل منظومة متعددة الأدوار، إجتماعية لرعاية أسر وأبناء الشهداء.. شهداء الحزب وخارجه، واجماليا هو يُعين 250 الف لبناني ويعتبر ثاني اكبر رب عمل في البلاد.
فضلاً عن مؤسسات ثقافية وإعلامية أحسن (السيد) استخدامها، في قلبها فضائية المنار. واجماليا هو يُعين 250 الف لبناني ويعتبر ثاني اكبر رب عمل في البلاد.


منذ بداية تأسيس الحزب وتوليه منصباً مؤثراً فيه أدرك (السيد) قواعد اللعبة وأجادها، لينجح في صياغة توازن رعب وسط محيط "رسمي عربي" معادي لفكرة المقاومة ذاتها. ومع إنتخابه أميناً عاماً بدأت مرحلة جديدة عرف خلالها جيش المرتزقة ضربات موجعة، أبرزها "حرب تصفية الحساب" يوليو 1993، و"عناقيد الغضب" أبريل 1996، وانتهاء بمقدمات الانسحاب من الجنوب مايو 2000. ومنذ ذلك التاريخ والاحتكاكات بين مقاتليه والمرتزقة مستمرة لتحرير مزارع شبعا المحتلة والأسرى، لتبلغ ذروتها في حرب "الوعد الصادق" الحالية. "توازن رعب" أجبر المرتزقة ورعاتهم في الغرب على الإقرار صراحة بحق "جنود السيد" في قصف قواعد المرتزقة. لكن يظل الانتصار الأبرز لـ(السيد) إجبار المرتزقة على الفرار ليلاً من الجنوب.

إدراك لقواعد اللعبة، نفرح به ويوجعنا كلما قرأنا مذكرات مفاوضي الغرب والمرتزقة عن تجاربهم في التفاوض مع السادات أو سلفه، فارق كبير بين من يتحدث عن "أي عدد من القوات" على أراضيه، من لا تفرق معه دماء جنود يحمون في النهاية نظامه فيعانق قاتلهم متودداً، ومن لا تفرق معه تدمير الوطن الذي إبتلي به وبين من ينجح في إجبار المرتزقة لأول مرة في تاريخهم وبرعاية الغرب في الإقرار بحق المقاومة في قتلهم رداً على هجماتهم، ومن ينجح في إطلاق عشرات الآسرى مقابل ثلاثة"رمم" لمرتزقة.. ويجبر المرتزقة على تقديم ترضيات له لإثبات "حسن نواياهم".

إدراك لقواعد اللعبة أفرز منظومة ناجحة وسط موات "رسمي" عربي، منظومة تنزف راضية في مواجهة منظومة غربية متعاضدة، كان طبيعياً منذ البداية أن تنطلق سهام إعلام الغرب وخلفه إعلام ملوك الطوائف ضدها، مُركزة على مفردات أبرزها "حزب الله التابع لإيران".. قبل أن يتراجع إعلام الطوائف خجلاً أمام إنتصارات المقاومة وهزيمة أصدقائهم المرتزقة في تل الربيع المحتلة، ليعود الآن متحدثاً عن"مغامرات لا تخدم مصالح العرب".

قواعد اللعبة واضحة.. فدقق من يتهم من؟. بوش حفيد سالخي الرؤوس يتحدث من روسيا عن عمليات حزب الله بوصفها "هجوماً على جهود واشنطن لحل الصراع في الشرق الأوسط".. وملوك الطوائف الثلاثة وبطريرك المارون يتحدثون عن ضرب (السيد) مصالح العرب.. التي هي من وجهة نظرهم "جهود واشنطن لحل الصراع في الشرق الأوسط". أما كتبة المارونين والمارينز فأن التفسير الأكثر شيوعاً لديهم هو "أنه" يسعى الآن لـ"خلخلة قطاعية" في جيش المرتزقة تخفيفاً للضغط على "حماس" وغزة، ولتبديد جهد "أمطار صيف المرتزقة"، ولمبادلة أسرى "حماس" والأسرى اللبنانيين بالجنديين الأسيرين.(!!) فهو بالنسبة لإعلام الكتائب والمارونين يمارس ما أسموه (حرب الانتحار).. فحسب مواقعهم "حزب الله ارهابي ونحن أهل الجنوب اللبنناني المسيحي نرفض الاعمال التخربية الهمجية للارهابي(..)".

إصرار (السيد) على التمسك بقواعد اللعبة يعريهم ويفضح عجزهم وتواطئهم.. "مغامر" لأنهم لا يتصورن إمكانية مناطحة أسيادهم.. هكذا تربوا وتكيفوا. إهانة لنا وله ان نقول (السيد) في كفة و"هم" في أخرى، فمن يُقارن بين أبو الشهيد وأبو ناهبا ثروات الوطن.. بين القُساة على من إبتليوا بحكمهم.. المهمومين دائمأ بمرتزق آُسر هنا أو هناك وبين "الرحماء فيما بينهم.. الأشداء على الأعداء".. بينه وبين من دمروا مصالح وطن إبتلي بحكمهم ليتراجع على كل المستويات إلى ما لم يعرفه من فساد وتخلف في تاريخه الحديث.

في تطبيقه لقواعد اللعبة إتسق (السيد) مع نفسه.. "إدفع الثمن من لحمك لتتحرر"، سأله الكاتب اللبناني (غسان شربل) عن شعوره وهو يرسل الشبان إلى الموت فأجابه: صدقني أنهم يتسابقون لإدراج أسمائهم في لوائح العمليات الجهادية والإستشهادية. أنهم لا يذهبون إلى الموت. يذهبون إلي النصر ودماؤهم لن تضيع. إتسق (السيد) مع نفسه وبأعز مالدى أي إنسان..ها هو إبنه البكر (هادي) يشارك سبتمبر 1997 يشارك في عملية فدائية يعود منها شهيدا، فقط يطلب من أصدقائه أن يتركونه منفرداً لدقائق، ويخرج ليترحم على الشهيد، ولا يعود لذكره "مُزايدة". دفع (السيد) الثمن بلحم إبنه البكرفي نفس العام الذي كان (جمال) هنا يدشن مشروعه التوريثي.. وكان أبناء سعود مستمرون في نهب ثروات شعوب الجزيرة العربية. من يقارن بين من يُعيد دورة (سيد الشهداء.. الحسين).. مضيفاً إليها "ما إستطعتم من قوة".

قواعد اللعبة يتجاهلها إعلام مبارك وأبناء سعود والموارنة مضخماً -بالتبعية لواشنطن وتل الربيع المحتلة- "قشة إيران" في عين من يُفترض أنهم مسؤولين عن حمايته.. ويتجاهل "الدانة الأمريكية الغربية" وهي "تفرتك" اجساد من يُفترض أنهم أطفاله. عن "القشة الإيرانية" قال (السيد) لـ(الجزيرة): " مرجعيتنا السياسية في قيادة حزب الله، دمشق وطهران بالنسبة إلينا دول صديقة، إخوة وداعمون ومساندون، نعيش معهم أكثر من مسألة أخوة وصداقة، نعيش جسد واحد أو وحدة مصير كما نعبر في لبنان.. نظام الجمهورية الإسلامية والمتكون من مؤسسات بالنسبة إلينا هو نظام نحترمه ونجله ونقدره ونقيم معه علاقة صداقة، لكنه ليس قَيِّمًا ولا وصيًّا علينا."

يدرك (السيد) قواعد اللعبة كما يدرك أولوياته الوطنية، فبينما يتحدث ملوك الطوائف عن مخاطر "هلال شيعي" يناشد هو أشقائه "شيعة وسنة" في العراق وقف القتل المتبادل، ويُنسق ضمنياً مع منظومة "سُنية" أصولية هي (حماس).. ومع كل تجمعات المقاومة.. لا فرق عنده بين شيوعي أو درزي أو حتى ماروني.. مادام يقاوم، ومن ينسى صورة إلتقطتها وكالة الأنباء الفرنسية عام 1996 لمقاتلي (السيد) وهم يعيدون بأيديهم بناء كنيسة دمرها المرتزقة.

يدرك (السيد) أولوياته الوطنية، فبينما تُشعل تجمعات أصولية الدنيا في مصر من أجل رواية، لا يهتم (السيد) بإستمرار صدور ذات الرواية في بيروت 20 عاما، وبينما يشعل -قبل سنوات- نواب الإخوان الدنيا هنا ضد "يسرا" من أجل فيلم (الوردة الحمراء).. في نفس اليوم.. في نفس اليوم كانت (المنار) ذراع (السيد) الإعلامي تستضيف (يسرا) يوماً كاملاً على الهواء ضمن إحتفالية لها عن فيلم (العاصفة). وبينما تنشغل قوي متطرفة هنا بمشهد "شذوذ" في فيلم لا يلتفت (السيد) لإحتفالية للشواذ في بيروت. ترتيب أولويات يكشف "حجم" ووعي (السيد). فهو إجمالاً يرى ان «الشيء الأسوأ والأكثر خطرا الذي واجهته الصحوة الاسلامية كان طالبان. فدولة طالبان قدمت مثالا شنيعا لدولة اسلامية».

يدرك (السيد) أولوياته، فهو يرفض على الهواء مباشرة في قناة الجزيرة محاولة البعض لجره إلى مواجهة إعلامية مع "تبعية مبارك" وهو يعرف جيداً العروض لبشار الأسد التي قدمها مبارك لتفكيك المقاومة. ويتفادى حتى الآن الههجوم على من هاجموا نضاله ووصفوه بالمغامرة.

قواعد لعبتهم مختلفة ومناقضة لشعوبهم، ومن الطبيعي ان يتفقوا مع "أصدقائهم" على ضرورة تصفيته، فمنحوا المرتزقة شرعية رسمية عربية للجريمة.

شهد لـ(السيد) أعداؤه.. وأعداءنا، و"على من إبتلينا" شهد أحد أسياده.. (ديك تشيني).. يقول "هو لا يهتم بشئ أسمه التاريخ ولا يعيه".

لكن التاريخ سيتوقف طويلاً عند (السيد).. نجا أو إستشهد.. هُزم أو إنتصر، سيبقى رمزاً لإمكانية المقاومة ولمفردات لن يعيها ملوك الطوائف وموالي المارينز.. كرامة وفداء ووطنية.. فهم "تُبع" بسليقتهم. سيذكره كما يذكر سيدنا وسيده.. سيد الشهداء (الحسين).. قل عليه السلام أو لا تقل لن يختلف معك (السيد). لكننا نقول عليه "هو.. السيد" السلام.. شهيداً أو صامداً.
مـحـــمــــد طــعـــيــمــة

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker